سورة المطففين - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المطففين)


        


{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} يعني الذين ينقصون المكيال والميزان ويبخسون حقوق الناس. قال الزجاج: إنما قيل للذي ينقص المكيال والميزان: مطففُ لأنه لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف.
أخبرنا أبو بكر يعقوب بن أحمد بن محمد علي الصيرفيُ حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلديُ أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الحافظُ حدثنا عبد الرحمن بن بشرُ حدثنا علي بن الحسين بن واقدُ حدثني أبيُ حدثني يزيد النحوي أن عكرمة حدثه عن ابن عباس قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله عز وجل: {ويل للمطففين} فأحسنوا الكيل.
وقال السدي: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وبها رجل يقال له: أبو جهينةُ ومعه صاعانُ يكيل بأحدهماُ ويكتال بالآخرُ فأنزل الله هذه الآية.
فالله تعالى جعل الويل للمطففين. ثم بين أن المطففين من هم فقال:


{الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} وأراد إذا اكتالوا من الناس أي أخذوا منهمُ ومِنْ وعلى متعاقبان.
قال الزجاج: المعنى إذا اكتالوا من الناس استوفوا عليهم الكيل الوزن وأراد: الذين إذا اشتروا لأنفسهم استوفوا في الكيل والوزن.
{وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} أي كالوا لهم أو وزنوا لهم أي للناسُ يقال: وزنتك حقك وكلتك طعامكُ أي وزنت لك وكِلت لك كما يقال: نصحتك ونصحت لك وكسبتك وكسبت لك.
قال أبو عبيدة: وكان عيسى بن عمر يجعلهما حرفين يقف على {كالوا} و{وزنوا} ويبتدئ {هم يخسرون} وقال أبو عبيدة: والاختيار الأول يعني: أن كل واحدة كلمة واحدةُ لأنهم كتبوها بغير ألفُ ولو كانتا مقطوعتين لكانت: {كالوا} و{وزنوا} بالألف كسائر الأفعال مثل جاءوا وقالوا: واتفقت المصاحف على إسقاط الألفُ ولأنه يقال في اللغة: كلتك ووزنتك كما يقال: كلت لك ووزنت لك. {يخسرون} أي ينقصونُ قال نافع: كان ابن عمر يمر بالبائع فيقول: اتق الله وأوف الكيل والوزنُ فإن المطففين يوقفون يوم القيامة حتى إن العرق ليلجمهم إلى أنصاف آذانهم.
{أَلا يَظُنُّ} يستيقن {أُولَئِك} الذين يفعلون ذلك {أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} يعني يوم القيامة.
{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ} من قبورهم {لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} أي لأمره ولجزائه ولحسابه.
أخبرنا عبد الواحد المليحيُ أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيميُ أخبرنا محمد بن يوسفُ حدثنا محمد بن إسماعيلُ أخبرنا إبراهيم بن المنذرُ أخبرنا معنُ حدثني مالكُ عن نافعُ عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه».
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الكشميهنيُ أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارثُ حدثنا محمد بن يعقوب الكسائيُ حدثنا عبد الله بن محمودُ حدثنا إبراهيم بن عبد الله الخلالُ حدثنا عبد الله بن المباركُ عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابرُ قال: حدثني سليم بن عامر حدثني المقداد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو اثنين»- قال سليم: لا أدري أي الميلين يعني مسافة الأرض أو الميل الذي تكحل به العين؟- قال: «فتصهرهم الشمس فيكون في العَرَق بقدر أعمالهمُ فمنهم من يأخذه إلى عقبيه ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه ومنهم من يأخذه إلى حقويهُ ومنهم من يلجمه إلجامًا» فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلمُ وهو يشير بيده إلى فيه يقول: «ألجمه إلجامًا».


قوله عز وجل: {كَلا} ردع، أي ليس الأمر على ما هم عليه فليرتدعوا، وتمام الكلام هاهنا، وقال الحسن: {كلا} ابتداء يتصل بما بعده على معنى حقًا {إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ} الذي كتبت فيه أعمالهم {لَفِي سِجِّينٍ} قال عبد الله بن عمر، وقتادة ومجاهد، والضحاك: {سِجِّينٍ} هي الأرض السابعة السفلى فيها أرواح الكفار.
أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه، حدثنا موسى بن محمد، حدثنا الحسن بن علويه، أخبرنا إسماعيل بن عيسى، حدثنا المسيب، حدثنا الأعمش، عن المنهال، عن زاذان، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {سجين} أسفل سبع أرضين، و{عليون} في السماء السابعة تحت العرش. وقال شمر بن عطية: جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار فقال: أخبرني عن قول الله عز وجل: {إن كتاب الفجار لفي سجين} قال: إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء فتأبى السماء أن تقبلها ثم يهبط بها إلى الأرض، فتأبى الأرض أن تقبل فتدخل تحت سبع أرضين حتى ينتهى بها إلى سجين، وهو موضع جند إبليس، فيخرج لها من سجين رِقّ، فيرقم ويختم، ويوضع تحت جند إبليس، لمعرفتها الهلاك بحساب يوم القيامة وإليه ذهب سعيد بن جبير، قال: سجين تحت جند إبليس.
وقال عطاء الخراساني: هي الأرض السفلى، وفيها إبليس وذريته.
وقال الكلبي: هي صخرة تحت الأرض السابعة السفلى خضراء، خضرة السماوات منها يجعل كتاب الفجار فيها.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد أيضا قال: {سجين} صخرة تحت الأرض السفلى، تقلب، فيجعل كتاب الفجار فيها. وقال وهب: هي آخر سلطان إبليس.
وجاء في الحديث: «الفلق جبّ، في جهنم مغطى، وسجين حب في جهنم مفتوح».
وقال عكرمة: {لفي سجين} أي: لفي خسار وضلال. وقال الأخفش: هو فعيل من السجن، كما يقال: فسيق وشريب، معناه: لفي حبس وضيق شديد.

1 | 2 | 3 | 4